روي مرفوعا أنه قال:"أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي وأمام ضلالة وممثل من الممثلين"، فيه أنه لا مثل لهذه الأصناف في شدة العذاب غير أن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مستترة بقرام فيه صورة فهتكه ثم قال: "أن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله"، وهو معارض للأول إلا أن الصحيح فيه رواية من روى فيه: من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله فينتفي التعارض إذ كان المشبه بخلق الله هو المثل بخلق الله أحد الأصناف المذكورة وروى عن عائشة: أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل هجا رجلا فهجا القبيلة بأسرها وهذا معارض للأول أيضا إلا أنه غير صحيح والله أعلم والصحيح رواية من روي عنها: أن أعظم الناس فرية يوم القيامة عند الله الرجل يهجو القبيلة بأسرها أو رجل انتفى من أبيه وفيه نظر لأنه وإن اندفع التعارض بما ذكر فما يصنع بقوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} وأيضا جعل الأصناف المذكورة متساوين في شدة العذاب لا يصح في الاعتبار لأن من قتل نبيا لا يكون إلا كافرا وكذا من قتله نبي إذ قتله وهو مسلم على حد يجعل القتل كفارة ولا استواء بين عذاب الكافر والمؤمن.
فالصواب أن لا تعارض بين الأحاديث الثلاثة والآية في الحقيقة بل بعضها مخصص للبعض لأن التعارض إنما يكون في النصوص التي لا يمكن الجمع بينها ولو جاءت هذه الأحاديث في نسق واحد لما تناقض الكلام ويكون معنى الحديث الأول: أشد الناس عذابا من الكفار من قتل نبيا أو قتله نبي أو آل فرعون وأشد الناس عذابا من المسلمين إمام ضلالة أو مشبه بخلق الله أو الرجل يهجو الرجل فيهجو القبيلة والأظهر في الأصناف المذكورين من الكفار التساوي في شدة العذاب ويحتمل عدمه إذ ليس في الكلام ما ينفي