وعن ابن مسعود كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا يقول:"إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين فإذا قال ذلك فليقل من عنده: يرحمكم الله وإذا قال له ذلك فليقل: يغفر الله لي ولكم".
وعن سالم بن عبيد بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقال: السلام عليكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك وعلى أمك إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين- أو على كل حال- وليردوا عليه يرحمكم الله وليرد عليهم يغفر الله لكم"، وهذا مذهب الكوفيين.
وخالفهم الحجازيون منهم مالك فذهبوا إلى ما روى أبو هريرة إذا عطس أحدكم فليحمد الله وليقل له صاحبه أو أخوه يرحمكم الله وليقل هو يهديكم الله ويصلح بالكم وهذا لا مساغ للاجتهاد فيه غير أن المقصود هو الدعاء للعاطس بالرحمة التي هي فوق الغفران فالرد عليه بالهداية أولى من الرد بالغفران لأن فيها ما ليس في الغفران لا سيما وقد ضم إليها ويصلح بالكم أي شؤونكم لأن الهداية قد تكون الدلالة على الأشياء المحمودة منه اهدنا الصراط المستقيم وقد تكون الثبوت على الأمر المحمود منه والذين اهتدوا زادهم هدى ولأن في الثاني رعاية وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها لا يقال أن الدعاء بالهداية إنما كان لليهود على ما روي أنهم كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله فكان يقول: "يهديكم الله ويصلح بالكم" لأنه لا خلاف فيما يقال للعاطس إنما الخلاف في الرد على المشمت وما روي عن إبراهيم أنه قال للعاطس: يهديكم الله ويصلح بالكم موقوف عليه لم يتصل به المروي إذ لو اتصل به لما خالفه لما عليه من الدين والعلم ولكنه بشر يذهب عنه ما يذهب عن البشر كما روي عن ابن عباس أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فقام عن يساره فأقامه عن يمينه وعن الأعمش إذا صلى رجل برجل يقيمه عن يساره فقيل له فقد روى ابن عباس خلافه فقال: ما سمعت بهذا وهو أولى من الذي قلت وهكذا يجب أن يظن فيه وفي أمثاله من أهل العلم والعمل.