روى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالصدقة فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار قال: "انفقه على نفسك" قال: عندي آخر قال: "أنفقه على زوجك" قال: فعندي آخر قال: "أنفقه على ولدك" قال: فعندي آخر قال: "أنفقه على خادمك" قال: عندي آخر, قال:"أنت أبصر" وفي حديث آخر "أنت أعلم" ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره إلى أن من ملك أربعة دنانير فهو غني تحرم عليه الصدقة كما يقوله أهل المدينة فيمن ملك أربعين درهما قالوا لأنه لم يؤمر فيما وراء الأربعة بشيء ورد الأمر إليه فيه ولا حجة لهم في ذلك لأنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم إنما أمره في كل دينار من دنانيره الأربعة بما هو أولى به في ذلك ورد الأمر في الخامس إليه لأنه لم يعلم له سببا يأمره بصرفه فيه فرد الأمر فيه إليه إذ هو أعلم بما يحتاج إليه من أمر نفسه لا لثبوت غناه عنده بالأربعة دنانير إذ لو كان كذلك لما أمر في الرابع بشيء ولصرف الأمر فيه إليه كما فعل بالخامس فثبت بذلك ما صححناه في حديث الخطبة من قوله: "ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق سأل إلحافا" يدل عليه أمره صلى الله عليه وسلم معاذا حين بعثه إلى اليمن على الصدقة أن يأخذها من أغنيائهم فيضعها في فقرائهم فالغني من يؤخذ منه والفقير من لا يؤخذ منه يعني جبرا كما لك الأربعين درهما ولا برد ما قلنا حديث أبي هريرة هذا إذ قد يحض على الصدقة الغني والفقير الذي له فضل على قوته لما روى عن أبي مسعود قال لما أمرنا بالصدقة كنا نحامل نتصدق حتى تصدق بعض الفقراء بصاع فاستهزأ به المنافقون وقالوا إن الله لغني عن صدقة هذا فأنزل الله عز وجل: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية.