روى عن سعد بن أبي وقاص قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جاءته جهينة فقالوا: إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأمنك وتأمنا فأوثق لهم ولم يسلموا فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب وأمرنا أن نغير على حي من كنانة إلى جنب جهينة فأغرنا عليهم فكانوا كثيرا فلجأنا إلى جهينة فمنعونا وقالوا: لم تقاتلون في الشهر الحرام؟ فقلنا: إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام فقال بعضنا لبعض: ما ترون؟ قالوا: نأتي نبي الله صلى الله عليه وسلم فنخبره, وقال قوم: لا بل نقيم ههنا, وقلت أنا في أناس معي: لا بل نأتي عير قريش هذه فنقتطعها فانطلقنا إلى العير وكان الفئ إذ ذاك من أخذ شيئا فهو له فانطلق أصحابنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقام غضبانا محمر الوجه فقال: "ذهبتم جميعا وجئتم متفرقين إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم أصبركم على الجوع والعطش" فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي فكان أول أمير في الإسلام فيه ما دل أن الجيش لم يكن عليه أمير وذلك قبل قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا عليكم أحدكم" وكان منهم ما كان من الخلاف فكرهه الله تعالى وأجرى أمور نبيه صلى الله عليه وسلم في المستأنف على خلافه من التأمير ليرجع أمر الجماعة إلى واحد يجب عليهم طاعته وترك مخالفته يؤيده قوله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} ومنه ما روى عن جابر بن عبد الله قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام أحشبه قال: إلا أن يغزى فإذا حضر أقام حتى ينسلخ ومنه ما روى عبد الله بن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "قفلة كغزوة" وهو تتمة كلام تقدمه لم يحضره عبد الله يحتمل أن يكون سئل عن قوم قفلوا لخوفهم من عدو أكثر منهم عدد اليزيد صلى الله عليه وسلم في عددهم وعددهم ما يقوون به على عدوهم فيكرون عليهم ومثله ما روى عن عائشة في سبب