بالقرآن إلى أرض العدو "مخافة أن يناله العدو" وهو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا من كلام الراوي فإنه روى "فأني أخاف أن يناله العدو".
وقد اختلف أهل العلم في السفر به إلى أرض العدو فأبو حنيفة وصاحباه ذهبوا إلى ابا حتة وبعضهم إلى كراهته منهم مالك وعن محمد إن كان مأمونا عليه من العدو فلا باس وإن كان مخوفا عليه فلا ينبغي أن يسافر به إليهم وهذا أحسن الأقوال وعليه يحمل القول الأول منهم وما روى عن ابن عباس أنه قال أخبرني أبو سفيان بن حرب من فيه إلى في أن هرقل دعالهم بكتاب رسول الله صلى الله عيه بوسلم فقرأه فإذا فيه "بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عيك إثم الأريسيين و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية" ليس بمعارض لنهيه صلى الله عيه وسلم من المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العد ولأن محمل النهي السفر بجملة القرآن وما في كتابه صلى الله عيه وسلم إنما هو بعضه فالجمع بينهما بإباحة السفر بالإجزاء التي فيها من القرآن بعضه وبالكراهة في السفر بكليته إليهم عند خوفهم عليه وقوله: "عليك إثم الأريسيين" أي مثل إثمهم لقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} أي مثل نصف العذاب الذي يكون عليهن وإلا ريسيون هم الخدم والخولة.
قال أبو عبيد في كتاب الأموال: وقيل عليه إثمهم لصده إياهم عن الإسلام بملكه لهم ورياسته عليهم كقوله تعالى: {إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} وكما قال سحرة فرعون لما قامت عليهم الحجة لموسى {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} أي استعملتنا فيه وأجبرتنا عليه وقيل منسوب إلى قرية يعرف بالأروسية أهلها يوحدون الله ويقرون برسالة عيسى وعبوديته ويجحدون بما يقوله النصارى سوى ذلك وقيل أريس اسم رئيس لهم فنسبوا إليه كما يقال يعقوبيون لقوم ينسبون إلى يعقوب.