روى عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها اعتمرت من المدينة إلى مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قدمت مكة قالت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي قصرت وأتمت وأفطرت وصمت قال: "أحسنت يا عائشة" وما عاب علي قد احتج بهذا من أباح الاتمام وهو حديث يبعد في القلوب مع أنه روى على خلاف هذا قالت خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة رمضان فأفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصمت وقصر وأتممت فلما قدمنا مكة قلت: يا رسول الله أفطرت وصمت وقصرت وأتممت.
والمعروف عنها عمن هو فوق عبد الرحمن في الجلالة وهما عروة بن الزبير ومسروق أن الصلاة فرضت ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيدت في الحضر قال الزهري فقلت لعروة فما بال عائشة كانت تتم في السفر قال إنها تأولت ما تأول عثمان رضي الله عنه.
فعلى ما روينا عنها فرض السفر ركعتان كما فرضها في الحضر أربعا فكما كان من صلى ثمانيا في الحضر غير محسن لأنه خلط الفرض بالنفل كذلك من صلى بالسفر أربعا ولما نهى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاوية من صلى مكتوبة أن يصلي بعدها حتى يتقدم أو يتكلم وإن كان سلم كان نهيه لمن فعل ذلك وهو لم يسلم أوكد وكان فاعله في خلاف ما أمره به أكثر ولا يظن بعائشة رضي الله عنها المخالفة وموضعها من الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يجب أن يكون عليه مثلها كيف وقد وافقها ابن عباس رضي الله عنه قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين فكما يتطوع في الحضر قبلها وبعدها فكذلك يصلي في السفر قبلها وبعدها فانتفى بما ذكرنا حديث عبد الرحمن عنها وثبت عنها حديثا مسروق وعروة.
ولا يقال أن قوله صلى الله عليه وسلم:"أن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة" يدل على أنها كانت في السفر أربعا لأنه لا يضع إلا ما قد كان ثابتا.