عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا "أن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يكن حراما فحرم من أجل مسألته" وذلك لأن الله تعالى قال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} أي: ما نفرط لأن القرآن كان ينزل بعد ذلك كما كان ينزل قبله فكانوا ممنوعين عن الاستعجال بالسؤال عما أخبر الله تعالى أنه لا يفرط فيه كما نهى صلى الله عليه وسلم عن استعجال الوحي بقوله تعالى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} وأمر بالانتظار فيه ومما يدل على ذلك أن عمر بن الخطاب لما أنزل الله تحريم الخمر قال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآية فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} . أي: عن السؤال عن مثل هذا حتى يكون الله نزله على رسوله ابتداء لأن الكتاب لا يفرط فيه فلما كان السؤال ممنوعا عنه كان السائل ظالما لنفسه لأنه تقدم بسؤاله أمر الله الذي لا ينبغي له أن يتقدمه وكان فيما عاقب به اليهود بظلمهم قوله: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} فكان السائل غير مأمون أن يحرم عليه بظلمه ذلك ما قد كان حلالا له لأن الأشياء كلها على طيبها وعلى حلها حتى يحدث الله فيها التحريم وإذا عاد المسؤول حراما بمسألته عليه عاد حراما على جميع الناس فكان أعظم الجرم فيهم.
وليس سؤال عمر أن يبين لهم في الخمر من هذا المعنى المذكور في حديث سعد لأنه كان فيمن سأل عما كان حلالا فحرم من أجل مسألته وعمر إنما سأل عن شيء تقدم تحريمه ألا تره يقول لما نزل تحريم الخمر قال عمر: اللهم بين فسؤاله إنما كان لأن يبين الله في الخمر ما تسكن إليه نفوس القوم الذين عظم في قلوبهم تحريمها فبين الله تعالى أنه إنما حرمها لمصلحتهم لأنها رجس وفيها الإثم الكبير وتمنع من الصلاة وتوقع العداوة بينهم إذ كانت سببا لما نزل بسعد عند