للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في الصلاة على حمزة رضي الله عنه]

...

في الصلاة على حمزة

روى عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مر بحمزة وقد جدع ومثل به فقال: "لولا أن تجزع صفية لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع" فكفنه في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه وإذا خمر رجليه بدا رأسه فخمر رأسه ولم يصل على أحد من الشهداء غيره وقال: "أنا شهيد عليكم اليوم" ففيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل على أحد من الشهداء يوم أحد غير حمزة ويجوز أن يكون ما فعل من الصلاة على حمزة ومن تركه الصلاة على غيره بما شغله يومئذ مما نزل به في وجهه ومن هشم البيضة على رأسه قال سهل: كسرت البيضة على رأسه وكسرت رباعيته وجرح وجهه فكانت فاطمة تغسله وعلي يسكب الماء بالمجن فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقتها وألصقتها على جرحه فاستمسك الدم وقال صلى الله عليه وسلم: "كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله" فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} فاحتمل أن يكون ترك الصلاة لما شغله عنهم غير حمزة فإنه اختصه بالصلاة عليه لمكانه منه ولا يقال لم يرو أنس الصلاة على حمزة لأن زيادة الثقة حجة ولا يدفع ما في حديث عقبة من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد ما ذكرنا قبل هذا أن الميت إذا فنى بلاء حتى صار معدوما لا يصلى على قبره لأن شهداء أحد قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لم يفنوا بما أنزل الله عليه فيهم: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} الآية فصلى عليهم بذلك وقد روى في بقائهم على حالهم بعد مدد جابر بن عبد الله قال: لما أراد معاوية أن يجري العين التي عند قبور الشهداء بالمدينة أمر مناديا فنادى من كان له ميت فليأته قال جابر فذهبت إلى أبي فأخرجناهم رطبا فأصابت المسحاة أصبع رجل منهم فانقطرت دما فهكذا نقول من علم بقاء بدنه بعد مدة وإن طالت في قبره جاز أن يصلى على قبره إذ لم يكن صلى عليه قبل دفنه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك واتباعا له.

<<  <  ج: ص:  >  >>