روى عن أبي سعيد قال: قال عمر: يا رسول الله سمعت فلانا يثني عليك خيرا ويقول خيرا زعم أنك أعطيته دينارين قال: "لكن فلانا ما يقول ذلك لقد أصاب مني ما بين مائة إلى عشرة ثم قال: "أن أحدكم ليخرج من عندي بمسألته يتأبطها أو نحوه وما هي إلا له نارا" فقال عمر: يا رسول الله فلم تعطيه؟ قال: "فما أصنع تسألوني ويأبى الله لي البخل" فيه ما يدل على صحة ما ذهب إليه أبو يوسف ومحمد في مسألة له على ما بين درهم إلى عشرة فإن عند أبي حنيفة يلزمه تسعة وعند زفر ثمانية وعندهما عشرة وعند بعض لا شيء عليه لأنه لما أقر له بما بين الدرهم الواحد وبين العشرة كلها ولا شيء بينهما ولكن هذا الحديث يدفع هذا القول لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أنه قد كان أعطى ذلك الرجل عطية يستحق بها الشكر منه فلم يشكرها وهو أفصح الناس وكلام العرب موافق لما قلنا يقولون: لهذا عشرون ناقة فجملا يريدون ما بين ناقة وجمل والعدد عشرون وحكى الكسائي أنه سمع أعرابيا رأى الهلال فقال: الحمد لله ما أهلالك وجمل والعدد عشرون وحكى الكسائي أنه سمع أعرابيا رأى الهلال فقال: الحمد لله ما أهلالك إلى سرارك يريد ما بين أهلالك إلى سرارك فالإهلال والسرار داخلان فيما ذكر فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لقد أعطيته ما بين مائة إلى عشرة" تدخل المائة مع دخول العشرة التي هي منها فيها.
فإن قيل: لا خلاف في قوله لفلان ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط أن له ما بينهما وليس له من الحائطين شيء قلنا الحائطان معينان أقر بما بينهما فدخل ما بينهما وفي إقراره بما بين الواحد والعشرة غير معين إنما هو إقرار بشيء لم يعتمد المقر فيه عند إقراره إلى شيء بعينه فيحمل إقراره على ما بين ذلك