روى عن مسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية فبلغ ذل أباه مخرمة فقال: يا بني أنه قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية فهو يقسمها فاذهب بنا إليه فذهبنا فوجدناه في منزله فقال: أي بني ادع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المسور: فأعظمت ذلك وقلت: ادعو لك رسول الله؟ فقال: أي بني أنه ليس بجبار فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج وعليه قباء من ديباج مزرر بذهب فقال: "يا مخرمة هذا خبأته لك فأعطاه إياه".
وفي رواية أخرى" فكأني أنظر إليه يرى محاسن القباء ويقول: "خبأت هذا لك خبأت هذا لك" وفي حديث آخر: فقال: رضي مخرمة ولبعض رواته إنما فعل ذلك بمخرمة اتقاء من لسانه وكان ذلك قبل تحريم لبس الحرير ولذلك لبس الرسول صلى الله عليه وسلم القباء وكأن مما أوجف عليه بغير خيل ولا ركاب وكان خالصا له فلم يستأثر بالأقبية لنفسه وردها في إعزاز الإسلام وإصلاح قلب من يخاف فساده عليه طلبا للألفة بين الأمة ودفعا للمكروه الذي يخاف من بعضها على بقيتها وانطلق له لباسه لأنه غير مشترك بينه وبين أمته ولا وجب لمخرمة إلا بتسليمة إياه إليه ولو كانت الأقبية من الصنف الذي قال الله تعالى فيه: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} الآية لما لبس صلى الله عليه وسلم منها شيئا.