روى أن مسلمة بن عبد الملك دخل أرض الروم فغل رجل فبعث مسلمة إلى سالم بن عبد الله فقال: حدثني أبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أخذتموه قد غل فاضربوا عنقه وأحرقوا متاعه" فكان في متاعه أراه قال: مصحفا فسأل سالما فقال: بيعوه وتصدقوا بثمنه.
وفي رواية حدثني أبي عن عمر فاضربوه مكان فاضربوا عنقه والأولى أصح وأكثر ضرب عنق الغال وحرق رحله لم يسمع في غير هذا الحديث ولا قال به من الفقهاء غير مكحول فإنه قال يحرق متاعه وكتاب الله يخالف ذلك قال الله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} فإذا لم يكن في سرقة مال ليس للسارق فيه شركة سوى قطع يد لا جزاء له غير ذلك فأجرى أن لا يجب عليه في غلول مال له فيه حظ إحراق رحله وأما انتفاء القتل فبقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" الحديث ولم يثبت بالحجة أن الحكم في الغال كان من النبي صلى الله عليه وسلم بعدما في هذا الحديث المقبول فيلحقه بها واحتمل أن يكون قبله فيكون هذا الأثر ناسخا له فوجب أن يكون الحظر على حاله حتى تقوم الحجة بإطلاق شيء مما في ذلك الحظر فيطلقه.