روى عن سلمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتدرون ما يوم الجمعة؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم, قال:"أتدرون ما يوم الجمعة؟ " قلت: الله ورسوله أعلم, قال: قلت في الثانية أو الرابعة هو الذي جمع فيه أبوك وأبوكم قال: "لكني أخبرك بخير يوم الجمعة ما من مسلم يتطهر ثم يمشي إلى المسجد ثم ينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كانت كفارة ما بينه وبين الجمعة التي قبلها ما اجتنبت المقتلة" فيه حض على الانصات بين الخطبة وبين الصلاة وهو مذهب أبي حنيفة وجماعة وخالفه أكثر أهل العلم منهم أبو يوسف ومحمد فلم يروا بالكلام بين الخطبة وبين الصلاة بأسا لما روى عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما ينزل عن المنبر وقد أقيمت الصلاة فيعرض له الرجل فيحدثه طويلا ثم يتقدم إلى الصلاة.
فيحتمل أن يكون الحديث الأول على الأفضلية وكثرة الثواب لا على وجوب السكوت كما في حال الخطبة فإنه فرض والكلام فيها لغو لكن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم تسهيلا على الناس وإن كان غيره أفضل منه كما توضأ مرة وإن كان مرتين مرتين أفضل منه وثلاثا ثلاثا أفضل منها فترك الأفضل إعلام منه صلى الله عليه وسلم لأمته أن ذلك مباح لهم غير حرام عليهم فيرتفع التضاد بين الحديثين. وما روى عن ثعلبة بن أبي مالك أن جلوس الإمام على المنبر يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام وقال إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر على المنبر فإذا قام عمر على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضي خطبته كلتيهما ثم إذا نزل عمر رضي الله عنه عن المنبر وقضى خطبته تكلموا يحتمل أن يكون على التوسعة التي ذكرنا لا على ما سواها وإن كان غير ذلك أفضل منه وأعظم أجرا.