صحبت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين وأنه قال قدمت المدينة ورسول الله بخيبر ورجل من غفار يؤم الناس فسمعته يقرأ في الصبح في الركعة الأولى بمريم وفي الثانية بويل للمطففين الحديث واثبات الأشياء أولى من نفيها وما روى عن زيد بن ثابت أنه قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم "النجم" فلم يسجد فيها لا دلالة له فيه على نفي السجود من المفصل وإن كان ذلك أيضا بالمدينة لأنه يجوز أن يكون الترك لكونه على غير طهارة حالئذ أو كان في وقت النهي أو لأنه عنده كان ندبا كما روى عن غير واحد من الصحابة منهم سلمان أنه مر بقوم قد قرأ واسجد فقيل ألا تسجد إنا لم نقعد لها ومنهم عبد الله بن الزبير قرأ السجدة فلم يسجد فسجد الحارث ثم قال: يا أمير المؤمنين ما منعك أن تسجد إذ قرأت فقال إني إذا كنت في صلاة سجدت.
وإذا احتمل حديث زيد هذه المعاني كما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه من اثبات سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر سجوده فيه بالمدينة أولى منه ومن حديث ابن عباس ولا حجة للشافعي فيما روى عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه لا سجود في شيء من المفصل استدلالا بأنه صلى الله عليه وسلم قال له:"أمرت أن أقرأ عليك القرآن" قال: قلت: سماني لك ربك؟ قال: نعم, فقرأ {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ} الآية.
وفي رواية فقرأ عليه {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} فيكون هو أعرف بحال ما فيه سجود وما لا سجود فيه قال ابن أبي عمران هذا كلام فاسد لأنه يعارض ما روى عن ابن مسعود حضر عرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على جبرئيل في كل عام مرة وفي عام الوفاة مرتين فعلم ما نسخ منه وما تقرر عليه وأبي لم يقرأ عليه إلا سورة واحدة لا سجود فيها أو آية واحدة ويجوز اطلاق القرآن على آية أو سورة قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} وقال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} والمسموع بعض القرآن وكذا المقروء بلا خلاف.