للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في حمل واحد على جيش]

روى عن أسلم أبي عمران قال كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة ابن عامر وعلى أهل الشام رجل فخرج من الروم صف عظيم فصففنا لهم فحمل مسلم منا على الروم حتى دخل فيهم ثم خرج إلينا فصحيح إليه سبحان الله القى بيديه إلى التهلكة فقال أبو أيوب الأنصاري رد عالهم أيها الناس إن الآية قد أنزلت فينا معشر الناس١ فإن الدين لما أعزه الله وكثرنا صروه قلنا: فيما بيننا سرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أموالنا قد ضاعت فلو أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع فأنزل الله تعالى هذه الآية يرد علينا ما هممنا به {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فكانت التهلكة الإقامة التي أردناها فأمرنا بالغزو وفما زال أبو أيوب غازيا حتى قبضه الله تعالى فيه أن التهلكة في الآية التهلكة في الدين وهي والهلكة واحد قاله أبو عبيد يعني أن ترك الغزو والإنفاق في سبيل الله هلاك ومثله قوله صلى الله عيه وسلم: "إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم" يعني في الدين وقال البراء: ألا إنما التهلكة أن يذنب الرجل الذنب ثم يلقى بيديه ويقول: لا يغفر لي وعن ابن عباس في تفسيرها انفقوا ولا تمسكوا في سبيل الله فتهلكوا.

وقال: ينفق في سبيل الله وإن لم يكن له إلا مشقص يريد التحذير من الإمساك في قليل المال وكثيره مخافة أن يدخل في الوعيد وعنه ولا يقولن أحدكم: إني هالك لا أجد شيئا إن لم يجد إلا مشقصا فليجا هدبه في سبيل الله.

فعلم أن التهلكة في الآية ليست في لقاء العدو الذي يخشى عليه وانه في فعله ذلك غير مذموم وما روى أن في محاصرة دمشق أسرع رجل إلى العدو فعاب المسلمون عليه ورفعوه إلى عمرو بن العاص وهو على جند من الأجناد فأرسل إليه عمرو فرده وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} لا يعارض ما قال أبو أيوب: لأنه أخبر بسبب نزولها توقيفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن تأويل عمرو


١ المعروف "معشرالنصار".

<<  <  ج: ص:  >  >>