ذهب الشافعي إلى أن المحرم من صيد البر ما يحل له أكله في حال الإحلال وكان ابن عمر أن يحكي عن أصحابه الذي حرم منه ما كانوا يصيدونه ليأكلوه وليطعموا لجوارحهم مما يأكلونه كالذئاب وذوي الناب من السباع وذوي المخالب من الطيور وهذا القول أولى لأن الله تعالى عم الصيد المأكول منه وغيره بقوله:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} لكن استدلاله بقوله لما أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحرم قتل الخمس الدواب دل على أن سواها غير مباح له قتلها فاسد إذ لا يمتنع أن يكون غير الخمس لاحقة بالخمس لعدم النص بمنع الالحاق مثل ما روى أنه قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم الذي لا يعطي شيئا إلا منه والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالحلف الفاجر" فلم ينتف بذلك أن يكون غيرهم يلحق بهم إذ قد روى ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر وفي حديث آخر رجل على فضل ماء بالطريق يمنعه من ابن السبيل ورجل حلف على سلعته بعد العصر لقد أخذها بكذا وكذا فصدقه الذي باعه منه فأخذها وهو كاذب ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه وفى وإن لم يعطه لم يف فإن قال كل من الثلاثة الحق بنصوص ولم يوجد نص في الحاق ما سوى الخمس بها قيل له فكيف ينفي بها غيرها مما لم يعلم أنها قد نفته فالحجة الصحيحة أن الله تعالى عم الصيد بقوله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} فلم يصح أن يخرج من ذلك شيء إلا بآية مسطورة أو سنة مأثورة أو اجماع وأخرجنا الخمس الدواب من ذلك بالسنة المأثورة ولا ما سواها والله أعلم.