في قوله تعالى:{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} يقرأ بالضاد والظاء واختلف عن ابن عباس الروايات فروى عطاء عنه قراءة ظنين ومجاهد عنه ضنين والأولى قراءة الضاد لأن نجله بالغيب كان منفيا وكان قومه يظنونه أني كتم عنهم من الوحي ما هو أرفق لهم فنزلت {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} و {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الآية قالت عائشة أعظم الفرية على الله ثلاثة من قال أن محمد رأى ربه وأن محمدا كتم شيئا من الوحي وأن محمدا يعلم ما في غد.
وقيل: أن كل عالم لا يجب أن يعلم كل علمه غيره فأخبر الله تعالى أنه صلى الله عليه وسلم فيما أعلمه بخلاف ذلك وأن معه من الفضل ما يتجاوز به علم كل العلماء ومن قرأ بالظاء نفي عنه أن يكون متهما في ذلك وقد كان صلى الله عليه وسلم غير متهم حتى سمته قومه الأمين لصدق لهجته ألا ترى لما تشاجر قريش في بناء الكعبة فيمن يضع الحجر فقالوا: أول رجل يدخل من باب المسجد يضعه فدخل صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذا أمين وكذا في سؤال هرقل لقومه هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فقالوا: لا وفي تسميتهم إياه أمينا في الجاهلية آثار كثيرة عرفها أهلها في مواضعها وإذا لم يكن عند قومه الأعداء متهما لم يكن لنفي ذلك وجه والمصاحف كلها كتبت بالضاد والله أعلم.