للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففيه: أن التسع الآيات التي آتاها الله لموسى عبادات لا تخويفات وفيه أن الفرار من الزحف حرام تعبد الله به موسى ولم ينسخ في شريعة نبينا فظهر به فساد قول من قال أنه كان في يوم بدر خاصة لقوله: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} الآية وكذا أعلم به ضعف ما روى عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال في تفسير تسع آيات هي اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنين ونقص الثمرات إذ لا حجة لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومنه ما روى عن ابن عمر قال: كنت في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاص النسا حيصة فكنت فيمن حاص فقلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟ فقلنا: لو دخلنا المدينة فبتنا فيها ثم قلنا: لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا فأتيناه قبل صلاة الغداة فخرج فقال: "من القوم؟ " فقلنا: نحن الفرارون قال: "بل أنتم العكارون إن فئتكم أو إنا مئة المسلمين" فأتيناه حتى قبلنا يديه.

العكارون: هم الكرارون يعني لما كروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرجعوا إلى ما يأمرهم كان ذلك عودة إلى ما كانوا من بذل النفس في سبيل الله استحقوا بذلك الاسم وفيه رد القول بالتخصيص بأهل بدر لأن ابن عمر إنما لحق بالمقاتلة يوم الخندق بعد أن رده النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك فدل على أن حكم الفرار من الزحف باق إلى يوم القيامة وداخل في الكبائر ونزول الآية في أهل بدر ليس بمانع ثبوت حكمها في غيرهم.

ومنه ما روى عن عبد الله بن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "قفلة كغزوة" وهو تتمة كلام تقدمه لم يحضره عبد الله فيحتمل أن يكون سئل عن قوم قفلوا لخوفهم من عدو أكثر منهم عددا أو عدد اليزيد صلى الله عليه وسلم في عددهم وعددهم ما يقوون به على عدوهم فيكرون عليهم ومثله ما روى عن عائشة في الشؤم وعن زيد في كراء المزارع والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>