فإن قيل: فقد روى عن يزيد عن ميمونة أنها قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف ونحن حلالان بعد أن رجع من مكة فكان من الحجة عليه لمخالفيه فيه أن ابن عباس أخبر أن تزويجه صلى الله عليه وسلم إياها كان قبل ذلك وهو محرم وقد روى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان طلب أن يعرس بها بمكة فأبى عليه ذلك أهلها وقال فيما روى عطاء عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة ابنة الحارث وهو حرام" فأقام بمكة ثلاثا فأتاه حويطب بن عبد العزى في نفر من قريش في اليوم الثالث فقالوا: إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا, قال:"وما عليكم لو تركتموني فعرست بين أظهركم فصنعنا لكم طعاما فحضرتموه" فقالوا: لا حاجة لنا في طعامك فأخرج عنا فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم وخرج بميمونة حتى عرس بها بسرف ففيه أنه تزوجها في غير الوقت الذي ذكر مطر في حديثه أنه كان بالمدينة قبل أن يخرج فإن قيل أفيخفى عن ميمونة وقت تزويجها
قيل له: نعم لما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أمرها إلى العباس فزوجها إياه فيحتمل أنه ذهب عنها الوقت الذي عقد عليها عندما فوضت إلى العباس أمرها فلم تشعر إلا في الوقت الذي بنى بها فيه وعلمه ابن عباس لحضوره وغيبتها عنه فإن قيل ففي خبر عثمان النهي فكيف يجوز فيما علم منه صلى الله عليه وسلم الإباحة فيه.
قيل أن عثمان لم يذكر في حديثه من أمر ميمونة شيئا وما ذكره فيه عنه يجوز أن يكون سمعه منه قبل ذلك أو بعده فكان مراده به غيره من أمته إذ هو بخلافهم إذ هو صلى الله عليه وسلم كان محفوظا مالكا لا ربه ولم يكن غيره من أمته كذلك فنهاهم عنه لخوفه عليهم ما يخاف عليهم من مثله وفعله صلى الله عليه وسلم إذ لم يخف على نفسه من ذلك ولي فيه أن عقد التزويج إذا وقع كان غير جائز ومما يؤكده البيع بعد النداء يوم الجمعة لم يبطل مع نهي الله عز وجل عنه فالنهي عن نكاح المحرم كذلك ونقول لمالك والشافعي