قال القاضي: والأوجه أن يقول لو كان بقاء المعتكف على اعتكافه في الليل وليس بصائم فيه دليلا على جواز الاعتكاف بغير صوم لكان خروج المعتكف عن المسجد الذي هو موضع الاعتكاف إلى حاجة الإنسان وبقاؤه على اعتكافه في الطرقات والمنازل حتى يعود إلى المسجد دليلا على جواز الاعتكاف في غير المساجد ولكن ليس فليس انتهى بمعناه ولأن اللبث في الأماكن لا يوجد قربة إلا بتحرم من اللبث كعرفة والمزدلفة ومنى ولهذا لا يكون قربة في غير الحج لعدم التحرم فكذلك اللبث في المسجد إذا كان في حرمة بأن اللابث فيه عن اللابث فيما سواه من البيوت وليس لنا حرمة إلا حرمة الصيام فلا يكون اعتكافا إلا بصيام وما روى عن يعلى بن أمية أنه كان يجلس في المسجد ساعة ويعد ذلك اعتكافا لا يصح عنه لأن عطاء يرويه عنه وليس له سماع منه ولئن صح فإنه سمى نفسه معتكفا بالقعود والاقبال على الذكر فيه على معناه اللغوي قال تعالى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} لم يكن على الاعتكاف المختلف فيه بل على تساوي الجلوس فيه وأنه ليس بعضهم أولى به من بعض.