صعد النظر فنظر إلى سرته ثم صعد فنظر إلى وجهه ثم قال: هل أنتم إلا عبيد لأبي- الحديث، وما روى عن أبي موسى الأشعري أنه قال: لا أعرفن أحدا نظر من جارية إلا إلى ما فوق سرتها وأسفل من ركبتها لا أعرفن أحدا فعل ذلك إلا عاقبته، ولا يقوله رأيا لأن الوعيد لا مدخل للرأي فيه يضاد ما روينا آنفا ثم تأملنا فوجدنا الفخذ والساق عضوين موصولين أحدهما مركب على الآخر وكانا إذا بسطا بدا منهما كالفلكة وهما عظمان أحدهما في الفخذ والآخر في الساق وتلك الفلكة هي الركبة فكان ما كان منها في الفخذ له حكمه في كونه عورة وما كان منها في الساق له حكمه في عدم كونه عورة ولكنه غير مقدور على تفصيله من العظم الذي في الساق ولا على معرفة مقداره فالأولى أن يحكم له بحكم العورة لا غيرها.
وأما السرة ففي حديث على ما قد دل أنها ليست من العورة وكذلك ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرها على وجهه من بين ثدييه ثم على كبده ثم بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة وهذا أولى مما قاله أبو موسى مع أنه خالفه الحسن بن علي وابن عمر وأبو هريرة روى أنا أبا هريرة قال للحسن: أدن مني حتى أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله منك فرفع ثوبه فقبل سرته ولأن السرة أشبه بالصدر منها بالعورة.
والأقرب إلى الصواب أن ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفخذ هل هو عورة أو ليس بعورة معناه أنه ليس بعورة يجب سترها كالقبل والدبر وأنه عورة يجب سترها في مكارم الأخلاق ومحاسنها ولا ينبغي التهاون بذلك في المحافل والجماعات ولا عند من يستحي من ذوي الأقدار والهيئات فعلى هذا تستعمل الآثار كلها واستعمالها أولى من طرح بعضها والله أعلم.
وروى عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت