للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العذاب فإنه على واحدة والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا هاجت الريح اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا" حكاه أبو عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصل له وكان اللائق بجلالة قدره أن لا يضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يعرفه أهل العلم بالحديث عنه وقد ذكر الله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} فكانت الريح الطيبة رحمة والعاصف عذابا فدل على انتفاء ما رواه أبو عبيد والله يغفر له.

ومن رواية أبي بن كعب مرفوعا "لا تسبوا الريح إذا رأيتم منها ما تكرهون" وقولوا: "اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذك من شرها وشر ما فيها وشر ما أمرت به".

وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به" وإذا تجلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سرى عنه فسألته فقال: لعله كما قال قوم عاد {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} الآية وعن أنس مرفوعا أنه كان إذا هاجت ريح شديدة قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك من خير ما أمرت به وأعوذ بك من شر ما أمرت به".

فدل جميع ما روينا أن الريح قد تأتي بالرحمة وقد تأتي بالعذاب وأنه لا فرق بينهما إلا في الرحمة والعذاب وأنها ريح واحدة لا رياح- وعن وعن ابن عباس مرفوعا نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور، والصبا ريح واحدة والدبور كذلك وروى أن رجلا قرأ: وأرسلنا الريح لواقح فقال عاصم: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} لو كانت الريح لكانت ملقحة فذكر ذلك للأعمش

<<  <  ج: ص:  >  >>