ففيه ظن عثمان أنهما سورة واحدة وتحقيق ابن عباس أنهما سورتان وأيده حديث أوس بن حذيفة فوجب أن تكونا سورتين وتباينهما في الوقتين نزولا يدل أيضا على أنهما سورتان لا سورة واحدة لأن الأنفال نزلت في بدر في سنة أربع وبراءة آخر سورة نزلت- روي عن البراء آخر آية نزلت:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} وآخر سورة نزلت براءة وفيه أن براءة سورة كاملة بائنة من الأنفال لأن مثل هذا لا يقوله البراء رأيا.
وعن ابن عباس كان جبريل إذا أنزل بسم الله الرحمن الرحيم علم صلى الله عليه وسلم أن السورة قد انقضت.
وعن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أعطيت مكان التوراة السبع الطول وأعطيت مكان الإنجيل المثانى وأعطيت مكان الزبور المئين وفضلت بالمفصل"، ففيه أن كل واحدة منها غير صاحبتها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى مكان كل واحدة منها شيئا آخر غير الأول وقيل: أنما ترك البسملة بين الأنفال وبراءة لأنها رحمة وسورة براءة نقض عهود وبراءات ووعيد وأبانة نفاق فاستحق بذلك ما استحق من العذاب وهو مردود لثبوت البسملة في أول ويل لكل همزة وتبت فعلم أنها تكتب قبل سورة العذاب وسورة الرحمة، وقيل: نزلت لأنها من خطاب المشركين ورد بقصة سليمان في كتابه إلى المشركين وأنه بسم الله الرحمن الرحيم وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل فكان فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم السلام على من أتبع الهدى.