إهداء رسول الله صلى الله عليه وسلم جمل أبي جهل وهو بمكة عام الحديبية وكان في رأسه برة من فضة جمل بها وأن عرفجة أصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب ففعل وكان بعد تحريم الذهب على الذكران لأنه ما شكا النتن إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا ليبيح له ما أباح إذ لو كان حلالا لما احتاج إلى التشكي.
واختلف في شد الأسنان بالذهب إذا تحركت فعن أبي حنيفة قولان الكراهة والإباحة وفي إباحته بالفضة قول واحد وعن جماعة من السلف أنهم ضببوا أسنانهم بالذهب منهم المغيرة أمير الكوفة والحسن وموسى بن طلحة وعبيد الله بن الحسن قاضي البصرة وأبو حمزة وأبو نوفل ويزيد الرشك وغيرهم ولا نعلم فيه خلافا إلا ما ذكرناه عن أبي حنيفة وقوله في الإباحة أولى لما روينا في قصة عرفجة.
وروي شريك عن حميد قال رأيت عند أنس قدح النبي صلى الله عليه وسلم فيه فضة أو قد شد بفضة يحتمل أنه كان فعله صلى الله عليه وسلم فكان من أعظم الحجة على إباحته وإن كان من أنس فقد دل على إباحة الشرب في مثله كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه لأنه صار إليه رجل جليل فقيه من الصحابة وهو أنس بن مالك خلافا للشافعي في كراهته وخلاف ما روي عن ابن عمر وابنه سالم والأولى قول أنس لاحتمال ما كان في القدح فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقياسا على إباحة علم الحرير في ثوب الكتان والقطن وإنما نهى صلى الله عليه وسلم عن الشرب في آنية الذهب والفضة ولم ينه عن الآنية المفضضة كما نهى عن لباس الحرير ولم ينه عما كان فيه شيء من الحرير. وعن ابن عمر أنه اشترى جبة فيها خيط أحمر فردها فسمعت ذلك أسماء فقالت بؤس لابن عمر يا جارية ناوليني جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي جبة مكفوفة الجيب والكمين والفرج بالديباج فكرة ابن عمر الجبة