رجلا فيه دعابة وبين أيديهم نار قد أججت فقال لأصحابه: أليس طاعتي عليكم واجبة قالوا: بلى قال: فقوموا واقتحموا هذه النار فقام رجل حتى يدخلها فضحك وقال: إنما كنت ألعب فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك وقال: "أما إذ قد فعلوا هذا فلا تطيعوهم في معصية الله".
ليس في شيء من الحديثين دليل على إباحة المذكور فيهما وضحك النبي صلى الله عليه وسلم حولا هو وأصحابه كمثل ما كانت الصحابة يتحدثون بأمور الجاهلية ويضحكون بمحضره صلى الله عليه وسلم من غير نهي منه إياهم عن ذلك مع أن تلك الأفعال ما كانت مباحا لهم فعلها في الإسلام، عن جابر جالست النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة فكان أصحابه يتناشدون الشعر ويذكرون أشياء من أمور الجاهلية فربما يتبسم معهم- ثم قد روي مرفوعا "لأ يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبا فإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها إليه"، قال الطحاوي: ولو صار مباحا لنسخه ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج غازيا فأخذ بعض أصحابه كنانة آخر فغيبوها ليمزحوا معه فطلبها الرجل فغيبوها فراعه ذلك فجعلوا يضحكون منه فخرج صلى الله عليه وسلم فقال: "ما أضحككم"؟ فقالوا: والله إنا أخذنا كنانة فلان لنمزح معه فراعه ذلك فذلك الذي أضحكنا فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلما".