لم يزالوا يعزون بعضهم بعضا على مصائبهم بأوليائهم بأن يعظم الله أجورهم وليس لهم فيها فعل سوى الصبر والاحتساب فكذا الأمراض والأوجاع وكذلك أنكروا ما روي مرفوعا ما من مسلم يبتلى في جسده إلا كتب له في مرضه كل عمل صالح كان يعمله في صحته وقالوا: كيف يكتب الأجر لرجل من غير عمل يستحق به؟ قلنا: الأجر إنما يكتب له بحسن النية مع الصبر والرضا بالقضاء.
ولا يعارض ما ذكرنا قول ابن مسعود أن الوجع لا يكتب به أجر ولكن الله يكفر به الخطايا لأنه يحتمل أنه أراد اختلاف أحكام الناس فيه فمنهم من له خطايا تستغرق أجره عليها فيكون ثوابه حط خطاياه لا غير ومن لا خطايا له كالأنبياء أو كمن سواهم ممن يتجاوز أجره على مرضه حطيطة خطاياه فيكتب له من الأجر ما يتجاوز قدر خطايها التي حطت عنه وزاد بعض الرواة على نص ابن مسعود من قوله الأجر بالعمل يعني العمل لا يحط الخطايا ولكن يكتب به الأجر كان لعامله خطايا أو لم تكن بخلاف الأمراض والأوجاع فإنها تحط بها الخطايا إن كانت ويكتب بها الأجران لم تكن هناك خطايا ولكن الآثار متظاهرة بخلاف ذلك منها قوله صلى الله عليه وسلم:"من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقوله:"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له في اليوم مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر"، وقوله:"من خرج إلى الصلاة فإنه في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة وأنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة وتمحى عنه بالأخرى سيئة"، ودل عليه قوله تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من تكفير الخطايا بما يصيب الإنسان قوله: "لا يصيب المؤمن وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى إلا كفر عنه به"، وقوله:"ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا كانت له كفارة"، وعن أبي سعيد الخدري أن رجلا قال: يا رسول الله أرأيت هذه الأمراض التي تصيب أبداننا وأجسامنا ما لنا بها قال: "الكفارات" قال أبي بن كعب: وإن قل