الجاهلية فأعضوه ولا تكنوه"، وفي حديث آخر فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا، لا يعارض هذا ما روي مرفوعا: الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار، يريد أهله لأن البذاء المأمور به هو على من يستحقه عقوبة كمن يدعو بدعوى الجاهلية لأنه يدعو برجل من أهل النار كانوا يقولون: يا آل بكر يا آل تميم فجعل صلى الله عليه وسلم عقوبة من دعا كذلك أن يقابل بما ذكر في الحديث استخفافا بالداعي والمدعو إليه لينتهي الناس عن ذلك في المستأنف والبذاء المنهي عنه هو البذاء على من لا يستحق.
فإن قيل: روى أن مهاجرا كسع أنصاريا فقال المكسوع: يا آل الأنصار وقال الكاسع: يا آل المهاجرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بال دعوى الجاهلية"؟ قالوا: يا رسول الله رجل من المهاجرين كسع رجلا من الأنصار فقال صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنها منتنة"، يدل على دفع هذا المعنى إذ لو كان الأمر على ما في الحديث الأول لأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من ترك ذلك قيل له: أن هذا دعاء بأهل الهجرة وأهل النصرة فلم يكن كالدعاء إلى رجل جاهل من أهل النار كافر بالله ورسوله وإنما قال: "ما بال دعوى الجاهلية" لمشابهتها بدعواهم يا آل فلان فكره صلى الله عليه وسلم ذلك القول ممن قاله إذ كان الله تعالى أوجب لأهل الإسلام على أهل الإسلام النصرة ودفع الظلم والأذى عنهم وأوعد من مر بمظلوم فلم ينصره.