وعن أنس كنت في غلمان فأتى علينا النبي صلى الله عليه وسلم فسلم علينا ثم أخذ بيدي فبعثني في حاجة له وقعد في الجدار أو في ظل الجدار حتى رجعت إليه فلما أتيت أم سليم فقالت: ما حبسك؟ فقلت: أرسلني رسول الله صلى الله عيه وسلم برسالة قالت: ما هي؟ قلت: أنها سر قالت: احفظ سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أخبرت بها أحدا بعد.
وعن عبد الله بن جعفر أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه ثم أسر إلي حديثا أن لا أحدث به أحدا من الناس.
وعن عمر بن الخطاب حين بانت حفصة من زوجها وكان قد شهد بدرا توفي قال عمر: فلقيت عثمان فعرضت عليه حفصة فقال: سأنظر في ذلك فلبثت ليالي ثم لقيني فقال: بدا لى أن لا أتزوج يومي هذا فلقيت أبا بكر فعرضتها عليه فصمت أبو بكر ولم يرجع إلي شيئا فكنت عليه أوجد مني على عثمان فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟ قلت: نعم قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك إلا أني علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لقبلتها.
إنما جاز لفاطمة الإخبار بما أسر إليها لأن ذلك السر ظهر بموته فخرج من خبر السر إلى ضده فأطلق لها الأخبار وكذلك اعتذار أبي بكر لعمر لم يكن من إفشاء ما اؤتمن عليه من السر وأما الذي أسر إلى أنس وعبد الله بن جعفر مما لم يظهر فكتما لأنه أمانة اؤتمنا عليها فلم يحل لهما الخبر بها وعن جابر مرفوعا: "إذا حدث الرجل حديثا فالتفت فهي أمانة".