امرأته فغضب أبو الدرداء فأقبل إليها فقال: أنكحت ابن الأمة فرد ذلك عليها فقالت: أصلحك الله إنه كان أخا زوجي وكان أحق بي فضمني وولده فسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه حتى وقف ثم ضرب على منكبه فقال: "يا أبا الدرداء يا ابن ماء السماء طف الصاع طف الصاع طف الصاع"، كناية عن تقصيره عن الإملاء ومنه المطفف وقيل: هو أن يقرب إلى الامتلاء ولما يمتلئ انتقاص أبي الدرداء أخا أخيه لأمه بأنه ابن أمة يتضمن وصف نفسه بكمال النسب والإسلام أمر بترك الافتخار بالنسب قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها مؤمن تقي أو فاجر شقي أنتم بنو آدم وآدم من تراب ليدعن رجلا فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن".
فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم بتساويه معه ومع الناس جميعا في النقصان بقوله:"طف الصاع" وإن تباينوا في النقصان بقدر أعمالهم المحمودة وأن لا يدرك أحد بنسبه درجة الكمال وقال صلى الله عليه وسلم: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا"، ففيه إعلاء مرتبة الفقه وجلالة مقادير أهله وعلوهم على من سواهم من المتخلفين عنه وإن كانوا ذوي نسب يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم:"إن سبابكم هذه ليست بمساب على أحد إنما أنتم بنو آدم طف الصاع لم تملؤه ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو عمل صالح بحسب الرجل أن يكون فاحشا بذيا بخيلا جبانا".