وفي بعضها حتى ترتفع قدر رمح لا خلاف أن التطوع كله قد دخل في النهي المذكور في هذه الآثار غير أن مالكا رحمه الله ذهب إلى أن الصلاة غير منهي عنها عند قيام الشمس لأنها كما تقوم تميل من غير أن يتخللها زمان يتهيأ فيه صلاة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الحجة ولم ينه إلا عن ممكن وقد وجدناها تقوم وتكون شبه المضطربة مدة ما ثم تزول وأبا يوسف والشافعي استثنيا يوم الجمعة عند قيام الظهيرة واحتجا في ذلك بآثار فيها استثناء يوم الجمعة من النهي لم نجد لها صحة ولا رويت عن ثبت ممن يؤخذ عنهم العلم وإنما هي آثار منقطعة لا أسانيد لها وما كان مثل هذا لم يجز الاحتجاج به وقد احتج لهما بعض بأنه لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالابراد بصلاة الظهر في الحر ولم يأمر بذلك في يوم الجمعة علم أن يوم الجمعة مخصوص بمعنى لم يوجد في سائر الأيام ورد بأن الابراد بعد الزوال والوقت المنهي عن الصلاة فيه عند قيام الشمس وهما مختلفان لكل منهما حكم غير حكم صاحبه.
واختلف أهل العلم في قضاء المكتوبات في هذه الساعات فقيل لا يجوز فيها شيء من المكتوبات إلا عصر اليوم الذي يصلى فيه وهو قول أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله لأن آخر وقت العصر غروب الشمس فأخرجوها من عموم النهي في ذلك الوقت والقياس أن يكون آخر وقتها تغير الشمس لأن كل وقت سوى ذلك الوقت يجوز أن تصلى فيه الفرائض يجوز أن تصلى فيه النوافل وما لا فلا وهذا قول أبي بكرة الصحابي روى عن ابنه يزيد أنه قال: واعدنا أبو بكرة إلى أرض له فسبقنا إليها فأتيناه ولم يصل العصر فوضع رأسه فنام ثم استيقظ وقد تغيرت الشمس فقال: أصليتم العصر؟ فقلنا: لا قال: ما كنت أنتظر غيركم فأمهل عن الصلاة حتى غابت الشمس ثم صلاها فهذا هو القياس في هذا الباب وذهب مالك والشافعي إلى أن المنهي عنه هو التطوع لا غير والقياس يرد ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في أوقات كما نهى عن الصيام في أيام من العام