للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "وإن رغم أنف أبي الدرداء"، وعن مجاهد: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقام الله فيدعها ومعنى الحديث وإن زنى وإن سرق ثم زال عن تلك الحال إلى حال الخوف لله فرد السرقة على صاحبها لأن الخوف من الله يمنع من صغير معاصي الله وكبيرها فهما حالان متضادان فلا يجتمعان فلابد من الانتقال إلى الحال المحمودة التي يرجو فيها وعده ويخاف وعيده فيجتنب معاصيه ومصداقه {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} أي: مكان سيئاتهم على الخوف كقوله واسأل القرية كالإيمان مع الكفر والطاعة مكان المعصية.

ومن هذا المعنى ما روي مرفوعا من رواية أبي الدرداء: "من شهد أن لا إله إلا الله أو مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ولم يدخل النار" قال: قلت: وإن زنى وإن سرق قال: "وإن زنى وإن سرق وإن رغم أنف أبي الدرداء"، ورواه أبو ذر وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا: أن من قال لا إله إلا الله عارفا بما يجب على أهلها فقد قالها وهو عارف لمقام الله عز وجل وبما يرجوه أهلها ويخافونه عند خلافهم أمره والخروج عن طاعته وذلك لا يكون إلا والزنى والسرقة فيه قد زال عنهما وانتقل منهما إلى ضدهما يؤيده ما في حديث أبي موسى من قال: لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة أي موفيا لها حقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>