فلا يسمع أمرا يكيدون به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر غنمه ويريحها عليهما فيبيتان في رسل منحتهما الحديث فلقائل أن يقول: بين الحديثين اضطراب شديد ولكن الجواب أن هذه الآثار كلها صحيحة لعدل رواتها فيجوز أن يكون كل من طلحة وعائشة أخبر عن غار غير الغار الذي أخبر عنه الفريق الآخر كانت إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في كل واحد منهما غير إقامته في الآخر منهما وقد شد إقامته مع صاحبه في أحدهما قول الله تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ، ثم ما روي عن أبي بكر فيما كان يخافه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم على نفسه في أحد الغارين اللذين كانا فيه حين قام المشركون وهم على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت يا رسول الله: لو أن أحدهم نظر إلى تحت قدمه أبصرنا تحت قدمه فقال: "يا أبا بكر ما ظنك بإثنين الله ثالثهما".
وعن عمرو بن ميموم قال: إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه سبعة رهط فسألوه عن علي فقال: كان أول من أسلم من الناس بعد خديجة ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فجعل المشركون يرمون كما كانوا يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يحسبون أنه نبي الله فجاء أبو بكر فقال: يا نبي الله فقال علي: أن نبي الله قد ذهب نحو بئر ميمون فأتبعه فدخل معه الغار وكان المشركون يرمون عليا حتى أصبح.
كان ذلك من فعل علي لأمر كان من النبي صلى الله عليه وسلم إياه بذلك ليكون سببا لبعد النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وليقصر المشركون عن إدراكهم إياه بدليل ما روي عن ابن عباس قال: قال علي: لما انطلق صلى الله عليه وسلم ليلة الغار فأقامه في مكانه وألبسه برده فجاءت قريش تريد أن تقتل النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يرمون عليا وهم يرون أنه النبي صلى الله عليه وسلم