غزوة وعرسنا فما استيقظنا حتى أيقظنا حر الشمس فجعل الرجل منا يثب جزعا دهشا فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا فارتحلنا من مكاننا حتى ارتفعت الشمس ثم نزلنا فقضى القوم حوائجهم ثم أمر بلالا فأذن فصلى ركعتين فأقام فصلى الغداة الحديث مذكور بطرق كثيرة بمعان متفقة وزيادات في بعضها وفيه من تأخير رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس ما يدل على أنه لا يصلى الفوائت عند الطلوع لأنه لا يظن به التأخير مع جواز فعله حينئذ وبه احتج أبو حنيفة رضي الله عنه وخالفه في ذلك الشافعي وغيره وقالوا سبب تأخيره حضور الشيطان إياهم في ذلك الوادي على ما ورد فيه من قوله عليه السلام:"تحولوا عن هذا المكان الذي أصابتكم فيه الغفلة" ومن قوله: "ليأخذ كل واحد منكم برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان" وما أشبه ذلك ورد بأن حضور الشيطان لا يصلح مانعا إذ قد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته فلم يخرج منها حتى أتمها وقال: "لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان المدينة".
والحديث مشهور في الصحاح فاستحال أن يكون التأخير لذلك سيما وفي حديث أبي قتادة أنه أخر الصلاة إلى أن ارتفعت الشمس ثم صلاها ففيه أن تأخيره إنما كان ليحل وقت الصلاة لا لما سواه وما ورد من قولهم فما أيقظنا إلا حر الشمس لا دليل فيه على الارتفاع قبل الاستيقاظ إذ يحتمل أن يكون طلعت بحرارتها كما هو موجود بالحجاز في حرها إلى الآن ثم ممن روى هذا الحديث عمران بن الحصين قال عرسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نستيقظ إلا بحر الشمس فاستيقظ منا ستة ثم استيقظ أبو بكر رضي الله عنه فجعل يمنعهم أن يوقظوه ويقول: لعل الله تعالى أن يكون احتبسه في حاجته فجعل أبو بكر يكبر حتى استيقظ.
ففيه أنه صلى الله عليه وسلم نام نوما ذهب عنه به الفهم بقلبه وفي ذلك نوم قلبه إذ لو لم يكن كذلك لما خفي عليه استيقاظ الجماعة ولا احتاج أبو بكر