"ولكل نبي دعوة دعا بها لأمته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" وعن عبد الله بن مسعود مرفوعا "أني لأعلم آخر أهل النار خروجا من النار وآخر أهل الجنة دخولا الجنة رجل يخرج من النار حبوا فيقال له: ادخل الجنة فيدخل وقد أخذ الناس مساكنهم فيخرج فيقول: أي رب لم أجد فيها مسكنا فيدخل ثم يخرج فيقول: رب لم أجد فيها مسكنا فيقول الله عز وجل له: فإن لك مثل الدنيا وعشرة أضعافها أو قال: هل ترضى أن يجعل لك مثل الدنيا وعشرة أضعافها، فيقول: أي رب أتسخر بي وأنت الملك قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك حتى بدت نواجذه ولا يخرج من النار إلا من كان دخلها".
فإن قيل: أفيجوز أن يقال: لا يدخل النار من يدخلها فقلت: جاء القرآن بمثله قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} فلم يكن ذلك على كل من أشرك بل على من بقي على شركه حتى خرج من الدنيا أما من تاب من شركه حتى خرج من الدنيا وهو مؤمن فلا يتناوله لقوله: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} الآية إلى قوله: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} فكذا حديث ابن مسعود فيه نفي دخول معه تخليد وإثبات دخول بغير تخليد.
والمراد بالكبر هو الترفع عن الناس ووضع الرجل نفسه في موضع لم يضعه الله فيه وغمصه الناس بإنزالهم دون المواضع التي جعلهم الله فيها وفي ذلك خلاف لحكم الله تعالى فيهم وفيه الوعيد من الله غير مستنكر في ذلك يبين ما قلنا ما روي عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل النار مثقال ذرة من إيمان ولا يدخل الجنة مثقال ذرة من كبر" فقال رجل: يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال: "الكبر بطر الحق وغمص الناس".