قريب فإنا أولاكم به وإذا سمعتم بحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر عنه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكر فأنا أبعدكم منه وكان أبي بن كعب في مجلس فجعلوا يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمرخص والمشدد وأبي بن كعب ساكت فلما فرغوا قال: أي: هؤلاء ما حديث بلغكم عن رسول الله يعرفه القلب ويلين له الجلد وترجون عنده فصدقوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول: إلا الخير.
قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} الآية {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ} الآية فأخبر الله تعالى عن أهل الإيمان بما هم عليه من هذه الأحوال عند سماعهم ما أنزل الله والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وحي منزل من عند الله ففي حصول الحالة التي تحدث عند سماع القرآن إذا حصل في سماع الحديث دليل على صدق الحديث عنه وإن كانوا بخلاف ذلك يجب ترك قبوله والمخالفة بينه وبين ما سواه مما تقدم ذكرنا له.
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا حدثتم عني حديثا تعرفونه ولا تنكرونه فصدقوا به" قلته أو لم أقله فإني أقول ما يعرف ولا ينكر "وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه ولا تعرفونه فكذبوا به فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف"، يحتمل أن تكون المعرفة منهم بطباعهم كما يعرفون بقلوبهم الأشياء التي تضرهم أو تنفعهم ويعلمون بقلوبهم تواترها علم طباع لا علم اكتساب وكانوا علموا أن الله تعالى قد جعل شريعته أجل الشرائع وأحسنها فالأشياء الحسنة اللائقة الملائمة لأخلاقه ولشرائعه يدخل فيها ما حدثوا به من ذلك فيجب عليهم قبوله وإن لم يقله بلسانه لهم لأنه من جملة ما قد قامت الحجة على صدقه وإذا سمعوا عنه الحديث فأنكروه من تلك الجهة وجب عليهم الوقوف عليه والتحامي لقبوله والحاصل أن الحديث المروي إذا وافق الشرع وصدقه