فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا". وروى "ليؤمكم أقرؤكم فإن كانت القراءة واحدة فأقدمكم هجرة فإن كانت الهجرة واحدة فأعلمكم بالسنة فإن كانت السنة واحدة فأقدمكم سنا ولا يؤم الرجل في بيته ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه" والحديث الأول أولى لأن النظر يعضده لأن الإمامة مدارها على أربع مراتب وهي الأقرأ والأعلى والأقدم والأكبر لكن القراءة والسنة مضمنة بالصلاة لا بد لها منهما والهجرة والسن ليس كذلك وإنما يستعملان فيها أدبا لا فرضا بدليل جواز صلاة من أم مهاجريا ومن فوقه في السن وإن كان الأولى أن يؤتم بهما ولا يؤمهما ثم الهجرة على المرتبتين الثانيتين فكذا القراءة أعلى المرتبتين الأولين.
قال القاضي: قدم السن إنما يعتبر إذا تساويا في الإسلام حتى لا يقدم الأقدم في السن على الأقدم في الإسلام لأن لقدم الإسلام زيادة فضيلة ليست لقدم السن مع عدم الإسلام وقد يقدم الأسن مطلقا في التكلم وما أشبهه من أمور الدنيا ويتوخى في تقديم من يكون أدعى إلى بلوغ الغرض المقصود من ذلك إذا الأسن قد يكون السن والحن بمعانيه انتهى.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤم أمير في إمارته" فقد دخل تحت إطلاقه صلاة الجنازة أيضا كمذهب أبي حنيفة وأصحابه أن لا يصلى على الجنازة إلا الأمير إذا حضر لما روى أن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال لسعيد بن العاص يوم مات الحسن بن علي رضي الله عنهما تقدم فلولا أنها سنة ما تقدمت وهو القياس لأنها من الفروض العامة التي تسقط عنهم بقيام الخاصة لأن على المسلمين الصلاة على جنائزهم كما عليهم غسلهم ومواراتهم فمن قام بذلك منهم سقط عن بقيتهم فوجب أن يكون الأمير أحق به إذا حضرها كالإمامة في المكتوبات في المساجد إذا حضرها لأن إقامة الجماعة في المساجد واجبة على المسلمين ومن قام بذلك منهم سقط عن بقيتهم وخالفهم الشافعي في صلاة الجنازة لأنها عنده من الفروض الخاصة.