المجنون لأنا رأينا أن أحكام الجنون لا تختلف باختلاف أسبابه فقد يكون سبب جنونه مباشرة فعل أداه إليه كتناول شيء يذهب عقله وقد يكون بسبب لا دخل له فيه ولا فرق في سقوط الفرض عنه وارتفاع العمد في جنايته حتى تكون الدية على عاقلته في الصورتين فكذلك المراعي في ذهاب عقول الأصحاء ذهب عقولهم لا الأسباب التي ذهبت من أجلها فالعلة فالسكر أن ذهاب عقله لا السبب الذي به ذهب عقله فيكون في حكم من لا عقل له بالجنون وغيره ومثله العاجز عن القيام يصلي جالسا سواء كان عجزه بفعله بأن كسرتا ساق نفسه أو بجناية غيره أو بآفة سماوية في أنه لا إعادة عليه وكذلك السكران كالمجنون الذي لم يدخل الجنون على نفسه في طلاقه وأقواله وأفعاله خلافا لأبي حنيفة وأصحابه والشافعي وقال مالك: لو أعلم أنه لم يكن يعقل ما أجزت طلاقه لكنه يلزمه أن لا يطلق بالشك لأن ما علم يقينا لا يرتفع إلا بيقين مثله وكذلك فرائض الله تعالى في عباداتهم كلها وفيما سواها وهو القول عندنا الذي لا يجوز خلافه ولا يسع ذا فهم أن يتقلد غيره.