عليه وسلم أنه أخر العشاء حتى كان ثلث الليل أو قربه ثم دار في الناس وقدرهم عشرون فغضب غضبا شديدا ثم قال:"لو أن رجلا ندب الناس إلى عرق اومر ماتين لأجابوا له وهم يتخلفون عن هذه الصلاة لهممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أتخلف على أهل هذه الدور الذين يتخلفون عن هذه الصلاة فأضرمها عليهم بالنيران".
فإن قيل: كيف كان هذا الوعيد من الرسول صلى الله عليه وسلم في التخلف عن الجماعة وهي في سائر الصلوات فرض كفاية بقيام البعض يسقط عن الباقين؟ قلنا: كان هذا قبل سقوط الفرض عنهم فكلهم بعد مأمورون بالاجتماع مأخوذون به حتى تقام الصلاة ويؤدى كما ينبغي ومما يحققه ما روى عن ابن أم مكتوم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد فرأى في الناس رقة فقال: "إني لأهم أن أجعل للناس إماما ثم أخرج فلا أقدر على رجل يتخلف في بيته عن الصلاة إلا حرقت عليه" فقلت: يا رسول الله بيني وبين المسجد نخلا وشجر أوليس كل حين أقدر على قائد أفأصلي في بيتي فقال: "تسمع الإقامة؟ " قلت: نعم, قال:"فأتها".
وفي رواية:"أليس تسمع النداء فإذا سمعت النداء فامش إليه؟ " فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بما أجابه مع ما به من الضرر كالرجل الذي لا يعرف الطريق فلا يسقط عنه بذلك حضور الجماعات فعلم بذلك أنه واجب على المطيقين له وإن ذلك مما يخاطب به جميع أهله قبل سقوط فرضه بقيام البعض وكان الوعيد لما رأى في الناس رقة فلم تكن الجماعة التي حضرت لتلك الصلاة الجماعة المطلوبة لمثلها وروى عن أبي الزبير قال سألت جابرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا شيء لأمرت رجلا يصلي بالناس ثم لحرقت بيوتا على ما فيها" قال جابر إنما قال ذلك من أجل رجل بلغه عنه شيء, فقال:"لئن لم ينته لأحرقن بيته على ما فيه".
ولا ينكر مجيء الوعيد عاما لأجل ما بلغه عن رجل واحد لأن دأبه