الثاني وبينه بفعله بحضرته ليعلم أن حكمه في ذلك مبائن لحكم أمته فاجتمع له بقوله وفعله جواب ما سأله عنه من حكم النوم في نفسه وغيره وإنما افترق حكمه وحكم أمته فيه لقوله أن عيني تنامان ولا ينام قلبي والوضوء لا يجب إلا من نوم فيه استرخاء المفاصل وإذا لم ينم قلبه لم تسترخ مفاصله ولعل القول والفعل كانا في ليلة واحدة وروى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ" فجعل يقظة العين مثل الوكاء للقربة فإذا نامت العين استرخى ذلك الوكاء فكان منه الحدث وروى أنما العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء كنى بهذا اللفظ عن الحدث وخروج الريح وهذا من أحسن الكنايات وألطفها فعرفت أن الطهارة لا ينقضها منه إلا ما كان معه استرخاء المفاصل دل قوله عليه السلام: "إذا نعس أحدكم في صلاته فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه" وكذا قوله صلى الله عليه وسلم عند رؤيته حبلا ممدودا بين ساريتين في المسجد ما هذا الحبل فقالوا فلانة تصلي فإذا خشيت أن تغلب أخذت به فقال: "فلتصل ما عقلت فإذا غلبت فلتنم" ففيهما صحة الصلاة مع مخالطة النوم لغير المسترخي وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر صلاة العشاء ذات ليلة حتى نام القوم ثم استيقظوا فجاء عمر فقال: يا رسول الله الصلاة الصلاة, قال:"فصلوا" ولم يذكر أنهم توضؤا وكان ابن عمر ينام قاعدا ولا يتوضأ وإذا نام مضطجعا توضأ وعلى هذا كان الصحابة في زمانه وبعده وعلى هذا يحتمل قول أبي هريرة من استحق نوما فقد وجب عليه الوضوء دفعا للتعارض والتنافي.