بذلك إذ كان دأبه أن لا يواجه أحد إنما يكره بما كان يقول تعريضا جريا على مقتضى الاخلاق الكريمة التي جبل عليها وشرفه الله سبحانه بها وخصه بأعلى مراتبها كما قال صلى الله عليه وسلم:"ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى وما بال رجال يقول أحدهم قد طلقتك قد راجعتك" وهذا أحسن محامله وأما ما فيه من قول الراوي فلم يدخل زوجها يعني قبرها فإن ذلك حمله قوم على أنه يحتمل أنه كان بينه وبينها قبل وفاتها في تلك الليلة هذه المقارفة وهم الذين يذهبون إلى أن للزوج غسل زوجته بعد وفاتها وإدخالها قبرها ومذهبنا أنه لا يغسلها لانقطاع ما كان بينهما في حياتها بوفاتها.
وروى أنس قال شهدنا بنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس على قبرها فرأيت عينيه تدمعان فقال:"هل منكم أحد لم يقارف أهله الليلة؟ " فقال أبو طلحة: أنا, قال:"فانزل في قبرها" وهذا مما يبعد لأن أبا طلحة لم يكن محارمها اللهم إلا أن يكون لم يحضر قبرها حينئذ من ذوي محارمها غير رسول الله صلى الله عليه وسلام فاحتاج إلى معونته فاتسع له ما يتسع للأجنبي من أن ييمم الميتة من وراء ثيابها مكان غسلها عند الضرورة وزوجها كان عثمان بن عفان.