فطرتان فطرة يراد بها الخلقة التي لا تعبد معها وفطرة معها التعبد المستحق بفعله ثوابا وبتركه عقابا وكان قوله:"كل مولود يولد على الفطرة" يريد به الفطرة الثانية فكان أهلها الذين هم كذلك ما كانوا غير بالغين ممن خلق للعبادة كما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وإن كانوا قبل بلوغهم مرفوعا عنهم الثواب والعقاب غير أنهم إذا عبرت عنهم السنتهم بشيء من إيمان وكفر كانوا من أهله كما قال صلى الله عليه وسلم: "فما يزال عليها حتى يعبر عنه لسانه" ولذلك قبل صلى الله عليه وسلم إسلام من لم يبلغ وفي ذلك ما يوجب خروج من كان من المسلمين بالردة في تلك الحال من الإسلام حتى يستحق المنع من ميراث أبويه المسلمين ثم قال: "فأبواه يهودانه أو ينصرانه" أي بتهويدهما وتنصيرهما فيكون مسببا إن كان أبواه حربيين ومأخوذا بعد بلوغه عاقلا بالجزية إن كانا ذميين.