أن تحل المعادن للناس لأنها عند قوم من أهل العلم منهم أبو حنيفة وأصحابه من الغنائم وفيها الخمس وقد كانت الغنائم محرمة على من قبلنا وعلى أوائل هذه الأمة أيضا حتى أحلها الله عز وجل رحمة وتخفيفا منه عليهم فكان لا خير فيها وعند قوم آخرين من أموال الصدقات وهم أهل الحجاز فاحتمل أن يكون ذلك قبل فرض الزكاة على العباد في أموالهم فلم يكن ما وجد فيها ما لا لهم فيه خير ثم فرض الله الزكاة فعادت إلى خلاف ما كانت عليه وصارت مما فيه الخير ويحتمل وجها آخر وهو أن الذي كان على الأصل الذي تكفل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دنانير مضروبة فلما جاء ذلك الرجل بما جاءه به مما وجده في المعدن وهو ذهب غير مضروبة وهو دون الحق الذي وجب كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقضيها صاحب الحق وهو أدنى من حقه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء فلذلك قال:"لا حاجة لنا فيها لا خير فيها" وأدى دنانير لا نقص فيها وهذا تأويل حسن فانتفى بما تأولنا التضادين بين الآثار وروى عن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهبية في تربتها من اليمن فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة الأقرع بن حابس وعلقمة بن علاثة وعيينة بن بدر وزيد الخيل قال: فغضبت قريش والأنصار وقالوا: أيعطي صناديد نجد ويدعنا؟ فقال:"إني أتألفهم" قيل في صرف الذهب الموجودة في المعدن إلى المؤلفة دليل على أنه من أموال الزكاة التي يعطى منها للمؤلفة ولا حجة فيه إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألفهم من غير الزكاة أيضا روى عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى من غنائم حنين مائة من الإبل عيينة بن بدر والأقرع بن حابس مائة من الإبل فلا يبقى دليلا على ما توهم هذا القائل أن فيه دليلا.