إلى الله عز وجل صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما".
لا يقال فيه أن صيام داود أفضل وفيه الزيادة على الصيام المذكور في الحديث الذي قبل هذا فدل على أن صوم ثلاثة أيام أحب من صوم يومين وصوم يومين أحب من صوم يوم وهذا خلاف ما ذكرنا آنفا لأنا نقول لا مخالفة بينهما لأن هذا إخبار عن صوم داود عليه السلام وحال الأنبياء في صيامهم ليس كغيرهم ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى الناس عن الوصال وواصل هو فقال إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فكذلك داود يكون صومه أحب إلى الله بخلاف غيره ومما يدل على أن قلة
= يومين ولك أجر تسعة أيام – وصم ثلاثة أيام ولك أجر ثمانية أيام" – ولكن إذا ثبت هذا فتأويله أنه أراد صم يوما من كل أحد عشر يوما ولك أجر التي تفطر منهن وثلاثة أيام منها ولك أجر فطر ثمانية أيام فاعلمه صلي الله عليه وسلم أن له في غطر ما يفطر بها أجرا لأنه يتقوي به علي العمال الصالحة فندبه من صوم يوم ويومين إلي يوم ويوم مترقيا من الدني إلي العلي وسكت عن أجر الصوم لأنه معلوم مققر بخلاف أجر الفطر ألا تري أن صوم يوم عرفة لغير الحاج أفضل وفطره للحاج أفضل ويؤجر علي ترك صومه لحاجته إلي التقوي علي الأعمال والدعاء انتهي بمعناه دون لفظه – قلت ماذهب إليه الطحاوي من اضمار ثوب صيامها أظهر من اضمار أجر فطرها لأن الكلام سبق لثواب الصيام لا لثواب الفطر وكل منهما محتمل والتأويل من المجتهد الذي يخطئ ويصيب والله أعلم بمراد قائله الذي لا ينطق عن الهوي صلي الله وسلم فإن الصوم كف عن الشهوات والفطر إقدام عليها فكيف يكون عبادة مع موافقة النفس لها والفطر كما يصلح سببا للأعمال الصالحة يصلح لضدها أيضا فنفس الفطر ليس بعبادة إنما العبادة ما يؤتي بعده فأذن الجر للأعمال الحسنة لا للفطر ما فهم.