قد روى عن عائشة من رواية عروة عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم تمتع في حجة الوداع وتمتع الناس معه وإذا كان فيها متمتعا كان طوافه لعمرته إنما يكون عند قدومه وطوافه الذي يكون منه بعد أن يرجع من منى إنما يكون لحجته دون عمرته واحتمل بذلك أن يكون قول عائشة: فإنما طافوا لهما طوافا واحدا أي طوافا واحدا للإحرام الذي كانوا فيه فكان ذلك الطواف للحج لا للعمرة ومما حقق أن الطواف للقارن طوافان أن علي بن أبي طالب قد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذهبه في طواف القارن أنه طوافان وروى عن أبي نصر قال: أهللت بالحج فأدركت عليا فقلت له إني أهللت بالحج أفأستطيع أن أضيف إليه عمرة قال لا لو كنت أهللت بالعمرة ثم أردت أن تضيف إليها الحج ضممته قال قلت كيف أصنع إذا أردت ذلك قال تصب عليك أداوة من ماء ثم تحرم بهما جميعا وتطوف لكل واحدة منهما طوافا قال منصور بن إبراهيم راوي الحديث عن أبي نصر فذكرت ذلك لمجاهد فقال ما كنت أفتي الناس إلا بطواف واحد فأما الآن فلا.
قال الطحاوي: فاستحال أن يكون علي رضي الله عنه يأمره بخلاف ما فعلوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى ذلك أيضا عن ابن مسعود أنه قال القارن يطوف طوافان ويسعى سعيين وهو ممن قد كان مع النبي صلى الله عليه وسلم - في حجته وإذا كان لا طواف للعمرة إلا طواف القدوم وطواف القدوم للحجة ليس يغني عن الطواف لها بعد الرجوع من منى لأن الطواف لها بعد الرجوع من منى هو الفرض والطواف للعمرة الذي هو الفرض فيها هو الطوف عند القدوم فكان موضعهما مختلفا عقلنا بذلك أن أن من جمع الحج والعمرة فقد جمع إحرامين الطواف لكل واحد منهما في وقت غير الوقت الذي يكون فيه الطواف الاخر منهما فعقلنا بذلك أنهما طوافان لا طواف واحد وروى عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج معنا النساء والولدان فلما قدمن مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقال لنا