الإذخر اعلاما منه أنه هو الذي كان المراد ولا لا أنه رجع إلى رأي العباس باجتهاد أو وحي إذ لا يصح الرجوع عن الوحي باجتهاد ولا دلالة في الحديث على أنه كان بوحي١ وكذلك قوله في حديث أبي قتادة:"نعم" عام أريد به الخصوص فلما أدبر الرجل خشي النبي صلى الله عليه وسلم أن يحمل قوله على العموم في جميع لخطايا فبين له أن الشهادة لا تكفر الدين لأنه من حقوق الناس وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن جبريل قال لي ذلك" يعني فيما تقدم لا أنه طرأ عليه العلم بذلك حينئذ ولأن قوله: "نعم" لو كان عاما لكان قوله بعد ذلك "إلا الدين" ناسخا له لكن الفضائل لا تنسخ فإن الكريم إذا تفضل على عباده بالتجاوز لا يقطعه عنهم ولا ينقص منه بل يزيدهم من فضله.
قلت: ما ذكره القاضي أبو الوليد وولد خاطره في غاية الحسن ولكن قوله لا معنى له أي تأويل الطحاوي ليس بإنصاف منه والحق أن ما تأولاه في حيزا الجواز والله أعلم بالصواب.
١ فيه نظر لأنه إذا حصر الأمربين اجتهاد ووحي وانتفي الاجتهاد تعين الوحي وقوله ولا دلالة في الحديث علي أنه لا يلزم من عدم دلالته فيه أن لا يكون علي الوحي دليل آخر وهو حاله صلي الله عليه وسلم فإن أقواله لا تخلو عن أحد الوجهين أما الاجتهاد أو الوحي لا ثالث لهما وانتفي الاجتهاد لأنه شرطه عند من جوزه مضي مدة انتظار الوحي يجتهد والكلام هنا علي الفور من غير لبث كما تقدم فتعين الوحي وهو غير منحصر بأنه يكون بواسطة الملك فإن له انواعا أخر كما عرف، انتهي. جمالبة.