والثالث: قول عطاء أنهاترعى ولا تحتش واختاره أبو يوسف والأول أولى لما روى أن عمر رأى رجلا يقطع من شجر الحرم ويعلف بعيرا له فقال على به فأتى به فقال: يا عبد الله أما علمت أن مكة حرام لا يعضد عضاهها ولا ينفر صيدها ولا يحل لقطتها إلا لمعرف فقال: والله ما حملني على ذلك إلا أن معي نضوا لي فخشيت أن لا يبلغني أهلي وما معي من زاد ولا نفقة فرق عليه عمر بعد ما هم به وأمر له ببعير من إبل الصدقة موقر طحينا فأعطاه إياه وقال لا تعد أن تقطع من شجر الحرم شيئا.
وفي الحديث الذي تقدم منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من اختلاء خلا مكة فذهب قوم إلى أن الاختلاء ما أخذ باليد دون ما سواه من إعلافه الإبل على ما اختاره أبو يوسف وقد روى في حرم المدينة حديث في المنع من الاختلاء من خلاها إلا أن يعلف رجل بعيره فاستدلوا بذلك على مثلها من شجر مكة وخلاها وهو حديث منقطع الإسناد وبعد ثبوته لا يجوز قياس خلا مكة على خلا المدينة لأن أحكامهما في هذه قد تفترق كما افترقت في وجوب جزاء الصيد لحرم مكة دون المدينة وفي المنع من دخول مكة إلا بالإحرام بخلاف المدينة.