الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأردفني راجعين إلى المدينة على ناقته العضباء فلما كان بيننا وبين المدينة وكرة وفينا رجل من الأنصار لا يسبق عدوا فقال: هل من مسابق إلى المدينة؟ قالها مرارا وأنا سكات فقلت: ما تكرم كريما ولا تهاب شريفا قال: لا إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله ائذن لي فلأسابقنه فقال: "إن شئت فعلت" فقلت: اذهب إليك فخرج يشتد وانطفق١ عن الناقة ثم أعدو فربطت على شرفا أو شرفين فسألته ما ربطت قال استبقيت نفسي ثم أني عدوت حتى ألحقه فأصك بين كتفيه وقل: ت سبقتك والله قال: فنظر إلي فضحك.
ففي هذه الآثار إباحة السبق على الإقدام وبه كان يقول محمد بن الحسن خلافا لمن قال أنه لا مسابقة إلا في خف أو حافر احتجاجا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله:"لا سبق إلا في خف أو حافر" ذهب آخرون إلى خلاف ذلك أيضا فقالوا: "لا سبق إلا في نصل أو حافرا وخف".
فهذه أقوال ثلاثة احتج قائلوها بروايات تدل على مدعاهم ولأهل المقالة الأولى عليهم أن ذلك إنما يكون كذلك لو وقفنا على أن ما في الآثار التي احتجوا بها مما ينفي السبق على الأقدام كان بعد ما روته عائشة في ذلك ولكن يحتمل أن مروى عائشة كان بعدها فيكون مبيحا للسبق على الأقدام ناسخا لحظره السابق ولا ينبغي رفع ما ثبت يقينا وهو إباحة السبق بالإقدام إلا بيقين مثله وليس فليس.
وفيما روى عنه صلى الله عليه والله وسلم:"لا جلب ولا جنب" المراد بالنهي عن هذين المعنيين هو في السبق بما يجوز السبق بمثله سئل مالك هل سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا جلب ولا جنب" وما تفسيرهما فقال: لم يبلغني ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وتفسيره أن يجلب وراء الفرس حين يدبر ويحرك وراءه الشيء يستحث به فيسبق فذلك الجلب والجنب أن يجنب مع الفرس الذي يسابق به فرس آخر حتى إذا أدنى من الغاية تحول صاحبه على الفرس