الذي هو خير وليكفر عن يمينه أو ليكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خيره" فلو كان إلحاق الاستثناء منفصلا ممكنا لعاد بذلك إلى حكم من قالها موصولة فلم يحتج إلى الكفارة وما روى مسعر عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: "والله لأغزون قريشا" قال: "إن شاء الله" ثم قال: "والله لأغزون قريشا" ثم قال: "إن شاء الله" ثم قال: "والله لا غزون قريشا" ثم قال: "إن شاء الله"
وفي رواية شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس "والله لأغزون قريشا" ثلاث مرات ثم قال: في الثالثة "إن شاء الله" فإن كان الحديث كما روى مسعر فهو مفتوح المعنى ومكشوف المراد وإن كان كما روى شريك فيكون قوله: "إن شاء الله" راجعا على جميع الإيمان لا على الآخرة منها وحدها فالمعنى فيه إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً ِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} إذ يجوز أن يقطعه قاطع عن فعله ثم فيه ترك الدخول منه عليه في غيبه وإن كان ذلك القول مما أجرى الله على لسانه فإن استعمال الإخلاص وترك الدخول منه عليه في ذلك أولى كما قال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} وإن كان ذلك لابد من كونه فعلم أن وصل الشيئة فيما يقال في الأشياء المستقيلات سواء كان من الأمور الكائنة البتة أو المترددة من اللوازم إخلاصا لله وتسليما للأمور إليه وكذلك الإيمان كلها إذا كانت على الأشياء المستأنفات.
لا يقال كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيلاء من نسائه بغير قول منه فيه إن شاء الله لأنه يحتمل أن يكون ذلك منه قبل نزول هذه الآية.
قال الطحاوي: ذهب شريح إلى أنه إن قدم الطلاق على الاستثناء بأن قال امرأتي طالق إن دخلت الدار أن الطلاق لازم بخلاف ما إذا قدم الاستثناء فقال: إن دخلت الدار فامرأتي طالق فإنها لا تطلق حتى يدخل الدار وهو مخالف لما عليه جميع أهل العلم من عدم الفرق بين التقديم والتاخير في أعمال الاستثناء قال تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ} فبدأ بذكر وعده إياه بما وعده