قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيما إهاب دبغ فقد طهر" وفي ذلك ما يوجب إباحة جلود الميتة إذا دبغت ويحتمل أن النهي عن الانتفاع بالإهاب والعصب قبل الدباغ يؤيده قول ابن عباس إذا دبغ الإهاب فقد طهر أي طهر للانتفاع به.
وعن علي بن أبي طالب أنه أتى ببغلة عليها سرج خز فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخز عن ركوب عليه وعن جلوس عليه وعن جلود النمور وعن جلوس عليها وعن ركوب عليها.
وعن عبد الله بن عمر أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الميثرة وهي جلود السباع وعن معاوية أنه دعا نفرا من الأنصار في الكعبة فقال: أنشدكم بالله ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صفف النمور فقالوا: اللهم نعم, قال: وأنا أشهد وعن المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الركوب على جلود السباع.
لا خفاء أن عموم قوله صلى الله عليه "أيما إهاب دبغ" يتناول جلود السباع وغيرها لا يصح إخراجها منالعموم إلا بآية مسطورة أو سنة مأثورة أو إجماع معتبر علم إن النهي لم يكن لأنها غير طاهرة بالدباغ ولكن لمعنى سواه وهو ركوب العجم عليها يؤيده النهي عن الركوب على الخز والجلوس عليه دون لباسه لأنه قد لبس الخز من الصحابة والتابعين جماعة وجرى النسا على ذلك إلى يومنا وإذا كان اللبس مباحا والركوب عليه مكروها دل ذلك أنه للتشبه بالعجم لا للنجاسة ومثله نهيه صلى الله عليه وسلم أن يجعل الرجل أسفل ثيابه حريرا مثل الأعاجم أو يجعل على منكبه حريرا كالأعاجم مع إباحته أعلام الحرير في الثياب أكثر من مقدار الحرير في هذين المعنيين ومما يدل عليه ما روى أن عمر بن الخطاب رأى رجلا وعليه قلنسوة بطانتها من جلود الثعالب فألقاها عن رأسه وقال: ما يدريك لعله ليس بذكي وفيه أنه لو علم أنه ذكي لم يكرهه وروى عن جابر بن عبد الله أنه كان لا يرى بجلود السباع بأسا إذا دبغت.