وليها" يعم الأب وغيره من الأولياء ولهذا صرح في الحديث الثاني بذلك وفيه أن البكر لا يزوجها الأب حتى يستأمرها كما في الثيب فإن زوج الأب بنته البكر قبل استئذانها كان تار كالما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون غير جائز عليها حتى ترضى وهو قول أبي حفيفة وسفيان وأصحابهما وعن عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا قال: "نعم, تستأمر" قلت: أنها تستحيي فتسكت قال: "فذلك إذنها إذا هي سكتت"
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن" قالوا: وكيف إذنها يا رسول الله؟ قال: "الصمت" وعن عدي بن عدي الكندي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الثيب تعرب عن نفسها والبكر رضاها صمتها".
ففي هذه الآثار أن الأب بمنزلة غيره من الأولياء في تزويج البكر وتوقفه على رضاها وروي عن ابن عباس أن رجلا زوج ابنته البكر وهي كارهة فأنت النبي صلى الله عليه وسلم فخيرها لا يقال أن سفيان روى هذا الحديث عن أيوب عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وبين امرأته زوجها أبوها وهي كارهة وكانت ثيبا فظهر به فساد متته وإسناده لأن حمل الأحاديث المتضادة ظاهرا على وجه يرفع التضاد أولى فيحمل على أنهما حديثان في حادثتين أحدهما في بكر والآخر ثيب فلا يتنافيان واحتج بعض من ذهب إلى ما اخترناه بما روى جابر بن عبد اله أن رجلا زوج ابنته وهي بكر بغير إذنها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما ولا يصح الاحتجاج به لأنه موقوف على عطاء بن أبي رباح ثم النظر يوجب ارتفاع ولاية الأب عن البكر ببلوغها في بضعها كما يرتفع أمره في مالها ببلوغها دل عليه قوله تعالى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ} فكما لا اعتراض للأب عليها فيما تطيب به نفسا لزوجها من صداقها فكذلك لا اعتراض له عليها في بعضها بتزويجها من غير أذنها وقوله تعالى: