لاستحيى امرأة تهب نفسها لرجل بغير مهر لم تقصد بذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل عمت به الرجال إذ كان ذلك خرج مخرج النكرة ففيه ما دل على أن الخصوصية إنماكانت في كونها زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم بلا صداق وإن الهبة تكون تزويجا لغير النبي صلى الله عليه وسلم غير أنها تكون لغيره تزويجا بصداق يجب معها وما روى عن ابن عباس لم تكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له ليس فيها ما يعارض ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى بالجونية قال لها:"هبى لي نفسك" فقالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ فأهوى بيده إليها فقالت: أعوذ بالله منك فقال: "قد عذت بمعاذ" ثم خرج فقال: "يا أبا أسيد اكسها رازقيتين وألحقها بأهلها" لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن دخوله على تلك المرأة إلا وهي زوجة له قبل ذلك وعلى ذلك جاء أبو أسيد بها وكان قوله لها بعد ذلك "هبي لي نفسك" على معنى ملكيني نفسك لا على استئناف تزويج يعقده عليها وكيف يظن ذلك وفي شرعه حرمة الخلوة بالأجنبية يؤيده أنه صلى الله عليه وسلم خرج عنها على الطلاق منه لها والفراق منه إياها ولا يكون ذلك إلا عن تقدم تزويجه إياها.